قصة ذو القرنين ويأجوج مأجوج

27‏/02‏/2012




قال الله تعالى:(( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ))


إن قصة "ذو القرنين" تدور حول شخصية أثارت اهتمامات الفلاسفة والباحثين منذ القدم. وقد بذلت جهود ومساعي كثيرة للتعرف على هذه الشخصية.
وسنقوم أولاً بذكر قصة ذي القرنين حيث أن حياته مع قطع النظر عن جوانبها التاريخية بمثابة درس كبير ومليء بالعبر، ثم ننتقل إلى بحوث لمعرفة شخصية ذي القرنين نفسه مستفيدين في ذلك من الروايات الإسلامية، ومما أشار إليه المؤرخون في هذا الصدد.
بتعبير آخر: إن ما يهمنا أولاً هو الحديث عن شخصية ذي القرنين، وهو ما فعله القرآن، حيث يقول تعالى: " قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا ".
إن بداية الآية تبين لنا قصة "ذو القرنين" كانت متداولة ومعروفة بين الناس، ولكنها كانت محاطة بالغموض والإبهام، لهذا السبب طالبوا الرسول الأكرم (ص) الإدلاء حولها بالتوضيحات اللازمة.
وفي إستئناف الحديث عن ذي القرنين يقول الله تعالى: " إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ". أي منحناه سبل القوة والقدرة والحكم.

" وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا {84} فَأَتْبَعَ سَبَبًا {85} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ" فرأي أنها تغرب في بحر غامق أو عين ذات ماء آجن: " وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ".
(حمئة) تعني في الأصل الطين الأسود ذا الرائحة الكريهة، أو الماء الآسن الموجود في المستنقعات. وهذا الوصف يبين لنا بأن الأرض التي بلغها "ذو القرنين" كانت مليئة بالمستنقعات، بشكل كان ذو القرنين يشعر معه بأن الشمس كانت تغرب في هذه المستنقعات، تماماً كما يشعر بذلك مسافر البحر، وسكان السواحل الذين يشعرون بأن الشمس قد غابت في البحر أو خرجت منه!.
" وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا" أي مجموعة من الناس فيهم الصالح والطالح، هؤلاء القوم هم الذين خاطب الله ذا القرنين في شأنهم: " قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا"(1).
بعد ذلك يحكي القرآن جواب "ذى القرنين" الذي قال: " قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا". أي إن الظالمين سينالون العذاب الدنيوي والأخروي معاً.
"وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى"... "وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا".


والظاهر أن ذا القرنين أراد من ذلك أن الناس سينقسمون مقابل دعوتي إلى التوحيد والإيمان والنهي عن الظلم والفساد إلى مجموعتين،
أي أننا سنتعامل معه بالقول الحسن، فضلا عن أننا سنخفف عنه ولا نجعله يواجه المشاكل والصعاب، بالإضافة إلى أننا سوف لن نجبي منه ضرائب كثيرة.
والظاهر أن ذا القرنين أراد من ذلك أن الناس سينقسمون مقابل دعوتي إلى التوحيد والإيمان والنهي عن الظلم والفساد إلى مجموعتين،
الأولى: هي المجموعة التي سترحب ببرنامجه الإلهي ودعوته للتوحيد والإيمان وهذه ستجزى بالحسنى وستعيش حياة آمنة ومطمئنة.
أما الثانية: فستتخذ موقفاً عدائياً من دعوة ذي القرنين وتقف في الجبهة المناوئة، وتستمر في شركها وظلمها، وتواصل فسادها. وهي لذلك ستعاقب نتيجة موقفها هذا أشد العقاب.
وعندما إنتهى "ذو القرنين" من سفره إلى الغرب توجه إلى الشرق حيث يقول القرآن في ذلك: " ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا" أي استخدم الوسائل والإمكانات التي كانت بحوزته.

" حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ". وهنا رأى أنها: "وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا". وفي اللفظ كناية عن أحياء هؤلاء الناس بدائية جداً، ولا يملكون سوى القليل من الملابس التي لا تكفي لتغطية أبدانهم من الشمس. (2) "كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا" (3). هكذا كانت أعمال "ذو القرنين" ونحن نعلم جيداً بإمكاناته.
والذين حاولوا تفسير جميع الألفاظ، بحسب ما فهموه- من غير ما نظر لأجواء السورة نفسها وأغراضها تورطوا أكثر حينما ظلت الكثير من الأسئلة بغير إجابة!.
قالوا أن السد الذي بناه ذو القرنين في أذربيجان.. ولم يعثر أحد في المنطقة على ذلك السد! وقالوا ربما يكون ذلك سور الصين.. علماً أن سور الصين من حجر والمذكور في القرآن من حديد ونحاس. وتساءل الناس من هم يأجوج ومأجوج وأين يقطنون.. فافترض البعض أنهم سكان الصين، بالرغم من أن صفتهم في المأثور النبوي لا تشبه صفة بني الإنسان على أرضنا من قريب ولا من بعيد.
وقام صاحب الميزان بإحصاء الصور المحتملة لسرد القصة بناء على المعاني المتعددة
والوجوه المختلفة للمفسرين فوجدها تبلغ أكثر من مليون صورة محتملة، واستنتج من ذلك أن أي كتاب مهما بلغ من العلم لن يتمكن من صياغة قصة غامضة على هذا النحو لتعطي هذا العدد من الصور، مما يدل على سماوية القرآن!!. ولا نريد مناقشة هذا الاستنتاج بالمقارنة مع وصف القرآن لنفسه بأنه (مبين).لقد استخدمت في القصة لغة قرآنية بخلاف القصص القرآني وورود ذكر اسم أقوام مجهولين عندنا هم (يأجوج ومأجوج)، إذ لا يوجد على الأرض قوم آذانهم طويلة تستخدم عندهم فرشاً وغطاءً وبمقدورهم شرب ماء بحيرة طبرية عن آخره، كما ورد في الحديث، كما لا يوجد قوم على الأرض لا ستر لهم من الشمس ولا يوجد سور في الأرض يشبه سد ذي القرنين- مما يدل على أن أي تفسير يحاول فك رموزها على نطاق الأرض سيكون فاشلاً.
ولا أدري لماذا لم يتأمل المفسرون بقول الإمام علي (ع) [كل البشر ولد آدم- إلا يأجوج ومأجوج- إذ تكفي هذه العبارات بمفردها على التيقن من أن الرحلة كانت لخلق ليسوا من ولد آدم وبالتالي فإنها ليست رحلة أرضية.

إن الحديث يعني أنهم مجبولين من الطين ولكنهم لم يصلوا بعد إلى مرحلة الآدمية وبإمكاننا أن نفترض أنهم إذا كانوا في أرض أخرى في كوكب آخر فأن لهم طباع مختلفة وعلاقة بالجاذبية والمجالات المغناطيسية وأوزان مختلفة عنا تماماً. وبالتالي فإن لهم قدرات جسمانية تناسب كوكبهم تعتبر شديدة الوطأة بالنسبة لنا لكننا نتفوق عليهم بالقدرات العقلية وباجتياز مراحل من الآدمية.
ما هي الدلائل على أن هؤلاء في كوكب آخر وإن رحلة ذي القرنين كانت في الفضاء؟ إن الدلائل كثيرة جداً ومن أهمها الأسلوب القرآني نفسه:
فلم يذكر القرآن سفراً أو رحلة بمثل هذه العبارة: [ثم أتبع سبباً].. فهذه العبارة بمفردها تدل على السفر في الفضاء، ذلك لأنها في القرآن لم تستخدم إلا في هذا المعنى فقط:
المورد الأول: [...يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى...] 36/37-غافر.
المورد الثاني: [من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء فليقطع] 15/الحج.
المورد الثالث: [أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما. فليرتقوا في الأسباب] 10/ص.
فهذه الموارد واضحة في معنى الارتقاء إلى الفضاء. والموارد الأخرى الأربعة في نفس القصة، ومجموع الموارد لهذا اللفظ (الأسباب) هو ثمانية موارد.
وهناك مورد واحد فقط لا يصرح بالرقي إلى السماء هو قوله تعالى [إذ تبرأ الذين أتُبّعوا من الذين أتَبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب].
وهو أيضاً للرقي إلى السماء- إذ سيأتيك البرهان- في فصل جنات الطور المهدوي وعذابه أن هذا عذاب المرحلة المهدوية حيث سيحاول الكفرة الهرب من الأرض عند رؤية العلامات الكونية- لاعتقادهم بدمار الأرض- وهو الذي يفسره المقطع في سورة الرحمن [لا تنفذون إلا بسلطان- يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران].. وفي الآيات دليل على أن الطور المهدوي يبدأ عند محاولة البشر تجربة القيام برحلات إلى الفضاء. ولذلك قال تقطعت (بهم) ولم يقل تقطعت بينهم الأسباب، ليدل على أن الفشل يلاحق الأسياد وعبيدهم على حد سواء. أي تقطعت بهم جميعاً. والبراهين على وجود عذاب دنيوي قبل القيامة كثير جداً تأتيك في محلها بإذن الله.


رأينا في الأحاديث السابقة أنهم (ع) يؤشرون إلى جهة المغرب أكثر من مرة.. لوصف كواكب وأقوام. فما هو الموجود في جهة الشمس لحظة الغروب؟. الموجود عند غروب الشمس –باتجاه الشمس- هي الكواكب الداخلية الزهرة وعطارد فمن الممكن أن نتصور أن الرحلة كانت باتجاه هذه الكواكب وبخاصة أن الرحلة تمت بثلاثة مراحل:-
[ويسألونك عن ذي القرنين، قل سأتلوا عليكم منهُ ذِكرا. إنا مَكنّا له في الأرض وأتيناه من كل شيء سببا. فاتبع سببا] الكهف/83-85.
تبدأ القصة على هذا النحو.. فالسفر في الفضاء شيء وقد آتاه الله من كل شيء سببا فليكن السفر الفضائي من جملة ما آتاه:
حديث (13):
عن أمير المؤمنين في قوله تعالى [وآتيناه من كل شيء سببا] قال:
[وأعطيناه من كل شيء علماً وقدرة وآله يتوصل بها إلى مراده] قصص الجزائري/ ذو القرنين.
يذكر الإمام (ع) هنا وجود علم وآله توصله إلى مراده. وهكذا بدأت السفرة بثلاثة مراحل:
الأولى: [حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمأة ووجد عندها قوما]. لقد تحرك باتجاه الشمس لحظة غروبها_ إذن فهو متجه نحو مدار الزهرة.. وفي كل سنة تمر الزهرة بهذا المدار حيث تصبح مع الأرض في جهة واحدة. عند الغروب أيضاً وصل إلى الزهرة لأنه لا يستغرق أي وقت يذكر.
فوجد الشمس تغرب عليه في عين حمأة. أي في كرة أرضية عالية الحرارة داكنة اللون. لقد عبر الأئمة مراراً عن الكواكب بلفظ (عين) كما في النصوص الآتية:
حديث (14): في البحار عن الصادق (ع) [إن من وراء عين شمسكم هذه أربعين عين شمس].
حديث (15): فيه أيضاً عنه (ع) أيضاً [إن من وراء عين قمركم أربعين عين قمر].
حديث (16): [في البشارة في علامات المهدي (ع) عنهم (ع):
[وبدنا بارزاً نحو عين الشمس].


يقول سيّد قطب رحمه الله: "وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض، وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر، ولا يطغى ولا يتبطر، ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان، ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق; ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به، ويساعد المتخلفين، ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح، ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله، ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته، وأنه راجع إلى الله." (في ظلال القرآن).

يأجوج ومأجوج :
يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان ، وقيل : عربيان
وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجت النار أجيجا : إذا التهبت . أو من الأجاج : وهو الماء الشديد الملوحة ، المحرق من ملوحته ، وقيل عن الأج : وهو سرعة العدو. وقيل : مأجوج من ماج إذا اضطرب،ويؤيد هذا الاشتقاق قوله تعالى ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) ، وهما على وزن يفعول في ( يأجوج ) ، ومفعول في ( مأجوج ) أو على وزن فاعول فيهما
هذا إذا كان الاسمان عربيان ، أما إذا كانا أعجميين فليس لهما اشتقاق ، لأن الأعجمية لا تشتق
وأصل يأجوج ومأجوج من البشر من ذرية آدم وحواء عليهما السلام . وهما من ذرية يافث أبي الترك ، ويافث من ولد نوح عليه السلام . والذي يدل على أنهم من ذرية آدم عليه السلام ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يقول الله تعالى : يا آدم ! فيقول لبيك وسعديك ، والخير في يديك . فيقول اخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين . فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ). قالوا : وأينا ذلك الواحد ؟ قال : ( ابشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف) رواه البخاري
وعن عبدالله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، وأنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا )


صفتهم :-
هم يشبهون أبناء جنسهم من الترك المغول، صغار العيون ، ذلف الأنوف ، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة ، على أشكال الترك وألوانهم . وروى الإمام أحمد : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب ، فقال ( إنكم تقولون لا عدو ، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج : عراض الوجوه ، صغار العيون ، شهب الشعاف ( الشعور ) ، من كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة) .

وقد ذكر ابن حجر بعض الاثار في صفتهم ولكنها كلها روايات ضعيفة ، ومما جاء فيها أنهم ثلاثة أصناف.
صنف أجسادهم كالأرز وهو شجر كبار جدا .
وصنف أربعة أذرع في أربعة أذرع، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى
وجاء أيضا أن طولهم شبر وشبرين، وأطولهم ثلاثة أشبار .
والذي تدل عليه الروايات الصحيحة أنهم رجال أقوياء ، لا طاقة لأحد بقتالهم، ويبعد أن يكون طول أحدهم شبر أو شبرين. ففي حديث النواس بن سمعان أن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج ، وأنه لا يدان لأحد بقتالهم، ويأمره بإبعاد المؤمنين من طريقهم ، فيقول لهم ( حرز عبادي إلى الطور)


أدلة خروجهم :-
قال تعالى ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون . واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ) الأنبياء:96-97
وقال تعالى في قصة ذي القرنين ( ثم أتبع سببا . حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا . قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما . آتوني **ر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا . فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا . وتركنا بعضهم يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ) الكهف : 92- 99
وهذه الآيات تدل على خروجهم ، وأن هذا علامة على قرب النفخ في الصور وخراب الدنيا، وقيام الساعة
وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول ( لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ( وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها ) قالت زينب بنت جحش : فقلت يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم ، إذا كثر الخبث )
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيه ( إذا أوحى الله على عيسى أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أولئك على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مئة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب إلى الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف( دود يكون في أنوف الإبل والغنم ) في رقابهم فيصبحون فرسى ( أي قتلى ) كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ) رواه مسلم وزاد في رواية – بعد قوله ( لقد كان بهذه مرة ماء ) – ( ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ، وهو جبل بيت المقدس فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض ، هلم فلنقتل من في السماء ، فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما )
وجاء في حديث حذيفة رضي الله عنه في ذكر أشراط الساعة فذكر منها ( يأجوج ومأجوج ) رواه مسلم

سد يأجوج ومأجوج :-
بنى ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج ، ليحجز بينهم وبين جيرانهم الذين استغاثوا به منهم. كما قال تعالى ( قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) الكهف.
هذا ما جاء به الكلام على بناء السد ، أما مكانه ففي جهة المشرق لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس ) ولا يعرف مكان هذا السد بالتحديد.
والذي تدل عليه الآيات أن السد بني بين جبلين ، لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ بين السدين ) والسدان : هما جبلان متقابلان. ثم قال ( حتى إذا ساوى بين الصدفين) ، أي : حاذى به رؤوس الجبلين وذلك ب**ر الحديد، ثم أفرغ عليه نحاس مذابا ، فكان السد محكما.
وهذا السد موجود إلى أن يأتي الوقت المحدد لدك هذا السد ، وخروج يأجوج ومأجوج، وذلك عند دنو الساعة، كما قال تعالى ( قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا . وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ) الكهف.
والذي يدل على أن هذا السد موجود لم يندك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه، قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا . قال : فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان ، حتى إذا بلغوا مدتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله تعالى، واستثنى. قال : فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه ، فيخرقونه ويخرجون على الناس ، فيستقون المياه ، ويفر الناس منهم ) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم.
الموضوع من تحريري
 
3BOUD TOPICS © 2012 | : akonami | ar-fifa