2659 حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة علىرعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله قال أنس أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه
الحاشية رقم: 1
[ ص: 38 ] قوله : ( باب فضل قول الله تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون - إلى قوله - وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين كذا لأبي ذر ، وساق الأصيلي وكريمة الآيتين ، ومعنى قوله : فضل قول الله " أي فضل من ورد فيه قول الله ، وقد حذف الإسماعيلي لفظ فضل من الترجمة .
ثم ذكر فيه حديثين : حديث أنس في قصة الذين قتلوا في بئر معونة أوردها مختصرة ، وستأتي بتمامها في المغازي ، وأشار بإيراد الآية إلى ما ورد في بعض طرقه كما سأذكره هناك في آخره عند قوله : فأنزل فيهم بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه "زاد عمر بن يونس عن إسحاق بن أبي طلحة فيه فنسخ بعدما قرأناه زمانا وأنزل الله تعالى ولا
تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الآية .
2660 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول اصطبح ناس الخمر يوم أحد ثم قتلوا شهداء فقيل لسفيان من آخر ذلك اليوم قال ليس هذا فيه
الحاشية رقم: 2
ثانيهما حديث جابر " اصطبح ناس الخمر يوم أحد ثم قتلوا شهداء " سيأتي في المغازي أن والد جابر كان من جملة من أشار إليهم ، قال ابن المنير : مطابقته للترجمة فيه عسر ، إلا أن يكون مراده أن الخمر التي شربوها يومئذ لم تضرهم لأن الله عز وجل أثنى عليهم بعد موتهم ورفع عنهم الخوف والحزن ، وإنما كان ذلك لأنها كانت يومئذ مباحة .
قلت : ويمكن أن يكون أورده للإشارة إلى أحد الأقوال في سبب نزول الآية المترجم بها ، فقد روى الترمذي من حديث جابر أيضا أن الله لما كلم والد جابر وتمنى أن يرجع إلى الدنيا ثم قال " يا رب بلغ من ورائي ، فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الآية " .
قوله : ( فقيل لسفيان " من آخر ذلك اليوم " قال : ليس هذا فيه ) أي أن في الحديث " فقتلوا شهداء من آخر ذلك اليوم " فأنكر ذلك سفيان ، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق القواريري عن سفيان بهذه الزيادة ولكن بلفظ : اصطبح قوم الخمر أول النهار وقتلوا آخر النهار شهداء " فلعل سفيان كان نسيه ثم تذكر ، وقد أخرجه المصنف في المغازي عن عبد الله بن محمد عن سفيان بدون الزيادة ، وأخرجه في تفسير المائدة عن صدقة بن الفضل عن سفيان بإثباتها
و جاء في كتب التفسير لهذه الآية الكريمة ما يأتي: لا تحسبن أن الذين جاهدوا في سبيل الله وقتلوا أمواتاً لا يبعثون ولا يجازون على ما قدموه من تضحية وشجاعة واستبسال... لا إنهم إحياء بعد استشهادهم مكرمون عند ربهم مختصون بتلك المكانة العليا التي استأثروا بها (فالعندية) عندية مكان وتشريف. لا عندية مكان وحدود.
هم أحياء عند ربهم مؤكدة ثابتة دليل قوله تعالى: (يُرزقون) والحياة التي عناها القرآن وأكدها هي حياة غيبية الله أعلم بها.. هؤلاء الشهداء فرحون مغتبطون بما رأوه من نعيم مقيم وفضل كبير وإكرام جليل من الله لهم.
وهم يستبشرون ويفرحون بما يتجدد لهم من نعمة الحياة عند ربهم ورزقه لهم ويفرحون بما آتاهم الله من فضله. إن جلاء هذه الحقيقة الكبيرة ذو قيمة ضخمة في تصور الأمور.
إنها تعدل - بل تنشئ إنشاء - تصور المسلم للحركة الكونية التي تتنوع معها صور الحياة وأوضاعها, وهي موصولة لا تنقطع, فليس الموت خاتمة المطاف بل ليس حاجزاً بين ما قبله وما بعده على الإطلاق.
انها نظرة جديدة لهذا الأمر, ذات آثار ضخمة في مشاعر المؤمنين, واستقبالهم للحياة والموت, وتصورهم لما هنا وما هناك.
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون).
والآية نص في النهي عن حسبان ان الذين قتلوا في سبيل الله, وفارقوا هذه الحياة, وبعدوا عن أعين الناس.. أموات.. ونص كذلك في إثبات أنهم (أحياء).. (عند ربهم). ثم يلي هذا النهي وهذا الإثبات, وصف ما لهم من خصائص الحياة. فهم (يرزقون). ومع اننا نحن - في هذه الفانية - لا نعرف نوع الحياة التي يحياها الشهداء, إلا ما يبلغنا من وصفها في الأحاديث الصحاح... إلا أن النص الصادق من العليم الخبير كفيل وحده بأن يغير مفاهيمنا للموت والحياة, وما بينهما من انفصال والتئام.
وكفيل وحده بأن يعلمنا ان الأمور في حقيقتها ليست كما هي في ظواهرها التي ندركها, واننا حين ننشئ مفاهيمنا للحقائق المطلقة بالاستناد إلى الظواهر التي ندركها, لا ننتهي إلى إدراك حقيقي لها, وانه أولى لنا أن ننتظر البيان في شأنها ممن يملك البيان سبحانه وتعالى.
فهؤلاء ناس منا, يقتلون, وتفارقهم الحياة التي نعرف ظواهرها, ويفارقون الحياة كما تبدو لنا من ظاهرها. ولكن لأنهم: »قتلوا في سبيل الله«, وتجردوا له من كل الأعراض والأغراض الجزئية الصغيرة, واتصلت أرواحهم بالله, فجادوا بأرواحهم في سبيله. لأنهم قتلوا كذلك, فإن الله - سبحانه - يخبرنا في الخير الصادق, أنهم ليسوا أمواتاً. وينهانا أن نحسبهم كذلك, ويؤكد لنا أنهم أحياء عنده, وأنهم يرزقون. فيتلقون رزقه لهم استقبال الأحياء.. ويخبرنا كذلك بما لهم من خصائص الحياة الأخرى. (فرحين بما آتاهم الله من فضله) فهم يستقبلون رزق الله بالفرح, لأنهم يدركون أنه (من فضله) عليهم.
فهو دليل رضاه وهم قد قتلوا في سبيل الله. فأي شيء يفرحهم إذن أكثر من رزقه الذي يتمثل فيه رضاه? ثم هم مشغولون بمن وراءهم من إخوانهم, وهم مستبشرون لهم, لما علموه من رضى الله عن المؤمنين المجاهدين: (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين).
إنهم لم ينفصلوا من إخوانهم »الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم« ولم تنقطع بهم صلاتهم. إنهم (أحياء) كذلك معهم, مستبشرون بما لهم في الدنيا والآخرة. موضع استبشارهم لهم: (أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)... وقد عرفوا هذا واستيقنوه من حياتهم (عند ربهم) ومن تلقيهم لما يفيضه عليهم من نعمة وفضل, ومن يقينهم بأن هذا شأن الله مع المؤمنين الصادقين. وأنه لا يضيع أجر المؤمنين.
فما الذي يبقى من خصائص الحياة غير متحقق للشهداء - الذين قتلوا في سبيل الله? - وما الذي يفصلهم عن إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم? وما الذي يجعل هذه النقلة موضع حسرة وفقدان ووحشة في نفس الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم, وهي أولى أن تكون موضع غبطة ورضى وأنس, عن هذه الرحلة إلى جوار الله, مع هذا الاتصال بالأحياء والحياة.
إنها تعديل كامل لمفهوم الموت - متى كان في سبيل الله - والمشاعر المصاحبة له في نفوس المجاهدين أنفسهم, وفي النفوس التي يخلفونها من ورائهم. وإفساح لمجال الحياة ومشاعرها وصورها, بحيث تتجاوز نطاق هذه العاجلة, كما تتجاوز مظاهر الحياة الزائلة. وحيث تستقر في مجال فسيح عريض, لا تعترضه الحواجز التي تقوم في أذهاننا وتصوراتنا عن هذه النقلة من صورة إلى صورة, ومن حياة إلى حياة! ووفقاً لهذا المفهوم الجديد الذي أقامته هذه الآية ونظائرها من القرآن الكريم في قلوب المسلمين, سارت خطى المجاهدين الكرام في طلب الشهادة - في سبيل الله.
ويخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار .
عن مسروق قال : سألنا عبد الله عن هذه الآية : (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )
فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال : " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ،
فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا ؟
فقالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟
ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب ، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " .
فهذا الحديث فيه دلالة على مكان ارواح الشهداء وان أرواحهم في أجواف طير خضر وأنهم يرزقون في الجنة ويأكلون ويتنعمون
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ............
وعن جابر قال : لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( يا جابر ما لي أراك منكسا مهتما ) ؟ قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي وترك عيالا وعليه دين ;
فقال : ( ألا أبشرك بما لقي الله عز وجل به أباك ) ؟ قلت : بلى يا رسول الله .
قال : ( إن الله أحيا أباك وكلمه كفاحا وما كلم أحد قط إلا من وراء حجاب
فقال له يا عبدي تمن أعطك
قال يا رب فردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب تبارك وتعالى إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون ...........)
كل بني ادم ينقطع رزقه بموته الا الشهيد فيبدأ رزقه من وقت قتله .
يقول القرطبي :-
الشهداء أحياء في الجنة يرزقون ، ولا محالة أنهم ماتوا وأن أجسادهم في التراب ، وأرواحهم حية كأرواح سائر المؤمنين ، وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم .
لا تبكه فاليوم بدء حياته.................... إن الشهيد يعيش يوم مماته
أرايتم تلك الدماء التي سالت على أوجه شيوخ الاسلام كيف سيكون حالها يوم القيامة ؟
لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب اللون لون الدم والريح ريح مسك
نبذة عن الشهيد:-
من هو الشهيد?
الشهيد في الشرع هو القتيل في سبيل الله واختلف في سبب تسميته بالشهيد قالوا لأن ملائكة الرحمة تشهده أي تحضر غُسله أو نقل روحه إلى الجنة. وقالوا لأنه ممن يُستشهد يوم القيامة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
وقال ابن الأثير: الشهيد في الأصل هو من قُتل مجاهداً في سبيل الله ثم أتسع في التسمية حتى شملت كل من سماهم النبي - صلى الله عليه وسلم - شهداء (المطعون - والمبطون - والغريق - وصاحب الهدم - والشهيد في سبيل الله).
وأجمع العلماء على أن الشهيد هو كل مسلم قتله البُغاة والمحاربون في المعركة أو أغاروا عليه في داره وتسببوا في قتله. وكل هؤلاء شهداء
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الشهداء خمسة المطعون (أي الذي مات بالطاعون) والمبطون (أي الذي مات بمرض البطن), والغريق وصاحب الهرم والشهيد في سبيل الله). متفق عليه. *
وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد, ومن قتل دون دينه فهو شهيد, ومن قتل دون اهله فهو شهيد). رواه أبوداود والترمذي. *
وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: »جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت ان جاء رجل يريد اخذ مالي? قال فلا تعطه مالك, قال أرأيت ان قاتلني قال: قاتله, قالت أرأيت ان قتلني? قال فأنت شهيد, قال أرأيت ان قتلته, قال هو في النار. رواه مسلم. *
هل يتألم الشهيد?
قد يعتقد كثيرون ان الشهيد يعاني آلاما عظيمة لا توصف ساعة استشهاده, انما الحقيقة بخلاف ذلك, فقد صحح الاسلام فكرة الناس عن الم القتل الذي يلاقيه الشهيد, واثبت في قلوب المؤمنين انه مخفف عليه من دون الموتى, الذين يلاقون من معاناة الموت والنزع ما تقشعر منه الابدان, اما الشهداء فقد خبر الرسول عليه الصلاة والسلام انهم لا يلاقون من الم القتل الا مثل الم القرص, قال - صلى الله عليه وسلم -
(ما يجد الشهيد من مس القتل الا كما يجد احدكم من مس القرصة). اخرجه الترمذي.
ولهذه العقيدة اثر واضح في دفع اهلها الى القتال, واستسهال الموت في سبيل الله, فانه اذا لم يكن من الموت بد, وكانت الشهادة هي اكرم اشكاله وايسرها على النفس, فقد خسر من اختار غيرها.
خصال وصفات الشهيد
عن النبي صلى الله عليه قال : " إن للشهيد عند الله سبع خصال :
1- يُغفر له في أول دفعة ،
2- ويُرى مقعده من الجنة ،
3- ويجار من فتنة القبر ،
4- ويأمن يوم الفزع الأكبر ،
5- ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ،
6-ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ،
7- ويشفع في سبعين من أقاربه "
الموضوع من تحريري
اخوكم في الله :-عبدالرحمن
دمتم في رعاية الله وحفظه
