كما أَمَرَ رسول الله أيضًا أُمَّتَه ألاَّ تُفاضل بين الأنبياء، فقال: "لا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ"[2]. وعندما حدث خلاف بين مسلم ويهودي حول المفاضلة بين الأنبياء غضب رسول الله لصالح اليهودي وليس لصالح المسلم!
فقد
روى أبو هريرة t فقال: بينما يهوديٌّ يعرض سلعته أُعطي بها شيئًا كرهه،
فقال: لا، والَّذي اصطفى موسى على البَشَرِ. فسمعه رَجُلٌ من الأنصار فقام
فلَطَمَ وجهه، وقال: تقول: والَّذي اصطفى موسى على البشر. والنَّبيُّ بين
أَظْهُرِنَا؟! فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إنَّ لي ذمَّةً وعهدًا، فما بال
فلانٍ لطم وجهي؟ فقال :"لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟!". فَذَكَرَهُ، فغضب
النبي حتى رئي في وجهه، ثم قال: "لا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ
اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي
السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ
يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى
آخِذٌ بِالْعَرْشِ، فَلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ
أَمْ بُعِثَ قَبْلِي؟ وَلا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ
بْنِ مَتَّى"[3].
تعظيم النبي لأنبياء الله
لذلك نجد رسول الله يُعَلِّم أُمَّته تعظيم الأنبياء، بل ويخصُّ بالذِّكْر الزعماء الكبار للديانتين اليهودية والنصرانية، فيقول رسول الله عندما عَلِم بأنَّ اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ احتفالاً بإنجاء الله I لموسى u وبني إسرائيل من عدوِّهم: "أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ". فصامه وأمر بصيامه[4]. كما قال رسول الله عن عيسى u: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ"... وقال رسول الله أيضًا: "الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاَّتٍ[5]، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ"[6]. هكذا كان ينظر رسولُ الله إلى أنبياء الله؛ فشتَّان بين نظرة مستمدَّة من قيم الإسلام الأصيلة وغيرها من النظرات المحرَّفة القاصرة.
هذه هي مكانة هؤلاء الأنبياء الكرام في عين رسول الله ، وحتى عندما كان يتمنَّى من نبي فعلاً غير الذي فعل، كان يُقَدِّم أمنيَّته بالدعاء له؛ فتجده -مثلاً- عندما يتمنَّى أن لو كان موسى u قد صبر في رحلته مع الخضر يقول: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا"[7].
لذلك نجد رسول الله يُعَلِّم أُمَّته تعظيم الأنبياء، بل ويخصُّ بالذِّكْر الزعماء الكبار للديانتين اليهودية والنصرانية، فيقول رسول الله عندما عَلِم بأنَّ اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ احتفالاً بإنجاء الله I لموسى u وبني إسرائيل من عدوِّهم: "أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ". فصامه وأمر بصيامه[4]. كما قال رسول الله عن عيسى u: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ"... وقال رسول الله أيضًا: "الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاَّتٍ[5]، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ"[6]. هكذا كان ينظر رسولُ الله إلى أنبياء الله؛ فشتَّان بين نظرة مستمدَّة من قيم الإسلام الأصيلة وغيرها من النظرات المحرَّفة القاصرة.
هذه هي مكانة هؤلاء الأنبياء الكرام في عين رسول الله ، وحتى عندما كان يتمنَّى من نبي فعلاً غير الذي فعل، كان يُقَدِّم أمنيَّته بالدعاء له؛ فتجده -مثلاً- عندما يتمنَّى أن لو كان موسى u قد صبر في رحلته مع الخضر يقول: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا"[7].
وعندما
رأى رسول الله أن هناك كلمة أولى من الكلمة التي قالها لوط u وحكاها عنه
القرآن الكريم عندما قال: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي
إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، قال رسول الله : "يَرْحَمُ اللَّهُ
لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ"[8].
بل
إن رسول الله يتجاوز الأنبياء السابقين ليمدح أتباعهم والذين ساروا على
نهجهم وثبتوا على دينهم؛ فها هو ذا يمدح الراهب النصراني في قصَّة أصحاب
الأخدود[9]، وها هو ذا يمدح الأعمى من بني إسرائيل الذي شكر نعمة الله تعالى[10]، وها هو يمدح جريجًا[11]
ويذكر قصَّته للصحابة ولنا، وهو من عُبَّاد بني إسرائيل، وهكذا.. وإنَّ
حَصْر مثل ذلك صعب جدًّا؛ لوفرته في كتب السُّنَّة النبويَّة.
وانظر
إلى هذا الموقف الذي يَضْرِب فيه المَثَلَ بأَتْبَاع دينٍ آخر؛ قال خبَّاب
بن الأرتِّ: شكونا إلى رسول الله وهو متوسِّدٌ بردةً له في ظلِّ الكعبة؛
قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو اللهَ لنا؟ قال : "كَانَ الرَّجُلُ
فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ،
فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ
بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ
بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا
يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ
حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ
إِلاَّ اللهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ
تَسْتَعْجِلُونَ"[12].
