حكمة والد لأبنائه

25‏/02‏/2013


قام أب بأحضار أبنائه الثلاثة في حجرة بها صنبور ماء ، فطلب الأب من أبنائه بأن يحضروا له أناء فارغ .

فلبي الأبناء لطلب والدهم واحضروا له الأناء ، فقام الأب بأخذ الأناء ووضعه تحت صنبور الماء
وفتح الصنبور فتحه بسيطة جدا حيث أخد الماء ينزل ببط في الاناء ، فأستغرب الابناء من ما
يفعله أباهم واخذوا يستهينوا بهذا المنظر ولا يعروفوا ما بداخله وما سيحدثه لهم أباهم ، فإخد الوقت في المضى

والماء ينزل في الاناء بكل بطـء واستغراب الابناء من ما يفعله والدهم ، وبعد ذلك امتلئ جزء صغير
من الأناء ، فأخذ الأب يسأل أبناءه ما تفسيركم لهذا ؟! فرد الابناء جميعا لقد امتلئ جزء صغير
من الأناء ولم يحدث شئ فيه . فرد عليهم الأب حسناً ، وانتظر بعض الوقت الأب حتي أمتلئ نصف الأناء .

فقال لأبناءه ما تفسيركم لهذا ؟! فردوا عليه لقد أمتلئ نصف الأناء فأخذ الأب يستغرب ! من أبناءه
فأنتظر برهة أخري حتي أمتلئ الجزء الأكبر من الأناء وأمتلئ الاناء بأكمله ، وسأل الأب ابنائه نفس
السؤال فقال لهم ما تفسيركم لهذا ؟! فرد الابن الاصغر لقد امتلئ الأناء بأكمله يا والدي . وقال الأوسط
وانا رأيي من رأي اخي ، فرد عليهم أخاهم الأكبر فقال أنا افسر لك ما لاحظته يأ أبي ، فلقد أخد الاناء بمرور
الزمن بالتدرج في الأمتلاء حتي اخد فترة معينة في الأمتلاء بأكمله وكلما زاد الوقت ومر زاد
الماء في الأناء . وأخد الاناء في الامتلاء حتي امتلاء لأَخره . فإدهش الاب من رد ابنه الاكبر العظيم
وقال له هذا هوا التفسير المظبوط يا بني ولاكن أريد ان اوضح لكم بعض الأمور وأضيف الي ما قاله أخاكم
الاكبر . فقال إن الاناء الذي أحضرتموه انتم يشبه حياة الأنسان ويشبه الانسان من مولده حتي مماته ، وقال
لهم أتوافقوني بأن قطرات الماء التي وقعت في الأناء تشبه عمر الانسان ، وانها بمرور الوقت تزداد وتكثر
وتزداد حتي يمتلئ الأناء بالماء ويصير لا مكان لماء أخر في الأناء ، فهكذا هي حياة

الانسان وعمره أن الانسان يكبر ويكبر بمرور الزمن وبعد ذلك تكون نهايته الموت . وان الشئ الوحيد
الموجود والمتشابه بين قطرات الماء والعمر هو الوقت ، فإن استغله الانسان في الخير وخدمة البشرية
أستطاع بأن يملك الحياة بأكملها ، وعقب الأب لأبنائه بأن الوقت كمثل المصباح الذي يستطيع ان ينير
حياة الانسان ومن جانب أخر يستطيع ان يظلم ويهلك حياة أنسان اخر . فأن استغل الانسان وقته في العلم
المفيد والجد والاجتهاد بالخير للاطلاع والمعرفة استطاع أن ينيره حياته ووجوده بأكمله ، والجانب
الاخر هو ان الانسان ان استغل وقته في اللعب والمجون والترف فأنه قاد نفسه للهلاك ولظلام
حياته بما فيها ، فالأنسان بيده يستطيع ان ينير طريقه وبيده يستطيع أن يهلك ويطلم طريقه .
وبهذا لابدا بأن نستغل وقتنا في التفكير والعمل ولا في العب والترف .
فقالوا له جميعا ، نعم صدقت يا أبانا وهذا هو الرد الحسن الذي لم يعرفه معظمنا
ولكنك ان
ت الذي
بينته لنا فنعلم الوقت والارادة في صناعة وقت يصلح من حالة البشرية

ارجوا ان اكون وفيت وأوفيت
فما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ ونسيان فمني ومن الشيطان
القصة من تأليفي ارجوا ان تنال أعجابكم .

تابع القراءة

عدد ما شاب من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم

15‏/02‏/2013

عدد ما شاب من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
( الرابعة ) : كان الشيب الذي في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل من عشرين شعرة كما ثبت ذلك في عدة أخبار ، مع أن الذين كانوا أصغر منه سنا كالصديق قد شابوا . قالوا والحكمة في ذلك لطف الباري جل شأنه بنسائه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن ; لأن من عادة النساء أن تنفر طباعهن من الشيب ، ومن نفر طبعه من الرسول خشي عليه ، فلطف الله بهن فلم يشب شيبا تعافه النساء . مع أن الشيب في حد ذاته غير منفر ولكن جلت حكمة الباري . وفي بعض الآثار : { إن الله ليستحي أن يعذب ذا شيبة في الإسلام ، ثم بكى الرسول عليه الصلاة والسلام ، فقيل له : ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال أبكي ممن يستحي الله منه وهو لا يستحي من الله } . ورواه البيهقي من حديث أنس مرفوعا بلفظ { يقول الله إني لأستحي من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام ثم أعذبهما } الحديث . وذكره الإمام الحافظ ابن الجوزي في الموضوعات وتعقب . ورواه الإمام أحمد في الزهد . وله شاهد من حديث سلمان ابن أبي الدنيا
. وذكر الديلمي
عن جابر رضي الله عنه بلا سند مرفوعا { من لم يرعو عند الشيب ، ويستحي من العيب ، ولم يخش الله في الغيب ، فليس لله فيه حاجة } .
فلا ينبغي للعاقل أن يكره الشيب ; لأنه نور الإسلام ، ووقار من الملك
[ ص: 428 ] السلام . ولا تغتر بفسقة الشعار وما لهم في ذلك من الأشعار ، مثل قول يعقوب بن صابر المنجنيقي كما في الوافي بالوفيات :
قالوا بياض الشيب نور ساطع يكسو الوجوه مهابة وضياء     حتى سرت وخطاته في مفرقي
فوددت أن لا أفقد الظلماء     وعدلت أستبقي الشباب تعللا
بخضابها فصبغتها سوداء     لو أن لحية من يشيب صحيفة
لمعاده ما اختارها بيضاء
وقول شهاب الدين التلعفري في ذلك :
لا تعجلن فوالذي جعل الدجى     من ليل طرتي البهيم ضياء
لو أنها يوم المعاد صحيفتي     ما سر قلبي كونها بيضاء
ولكن اعتمد على قول صاحب الرسالة مصباح الهدى وماحي الضلالة كما رواه البخاري في تاريخه والبيهقي في شعب الإيمان { أن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن } وقد ذكره الحافظ ابن الجوزي في الموضوعات ، وتعقبه الجلال السيوطي والحافظ ابن حجر وغيرهما ، وهو عند أبي داود بإسناد حسن والله أعلم .

اسلام ويب

تابع القراءة

معنى قوله ومن سيئات أعمالنا

23‏/01‏/2013


بعد فترة غياب اعود اليكم بموضوع جديد
العقوبات القدرية على الأبدان
والتي على الأبدان أيضا نوعان :
نوع في الدنيا .
ونوع في الآخرة .
[ ص: 115 ] وشدتها ودوامها بحسب مفاسد ما رتبت عليه في الشدة والخلقة ، فليس في الدنيا والآخرة شر أصلا إلا الذنوب وعقوباتها ، فالشر اسم لذلك كله ، وأصله من شر النفس وسيئات الأعمال ، وهما الأصلان اللذان كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ منهما في خطبته بقوله : ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .
وسيئات الأعمال من شرور النفس ، فعاد الشر كله إلى شر النفس ، فإن سيئات الأعمال من فروعه وثمراته .
وقد اختلف في معنى قوله : ومن سيئات أعمالنا هل معناه : السيئ من أعمالنا ، فيكون من باب إضافة النوع إلى جنسه ، أو تكون " من " بيانية ؟ وقيل : معناه : من عقوباتها التي تسوء ، فيكون التقدير : ومن عقوبات أعمالنا التي تسوءنا ، ويرجح هذا القول : أن الاستعاذة تكون قد تضمنت جميع الشر ، فإن شرور الأنفس تستلزم الأعمال السيئة ، وهي تستلزم العقوبات السيئة ، فنبه بشرور الأنفس على ما تقتضيه من قبح الأعمال ، واكتفى بذكرها منه ، أو هي أصله ثم ذكر غاية الشر ومنتهاه ، فهو السيئات التي تسوء العبد من عمله ، من العقوبات والآلام ، فتضمنت هذه الاستعاذة أصل الشر وفروعه وغايته ومقتضاه .
ومن دعاء الملائكة للمؤمنين قولهم : وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته [ سورة غافر : 9 ] .
فهذا يتضمن طلب وقايتهم من سيئات الأعمال وعقوباتها التي تسوء صاحبها ، فإنه سبحانه متى وقاهم عمل السيئ وقاهم جزاء السيئ ، وإن كان قوله : ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته أظهر في عقوبات الأعمال المطلوب وقايتها يومئذ .
فإن قيل : فقد سألوه سبحانه أن يقيهم عذاب الجحيم ، وهذا هو وقاية العقوبات السيئة ، فدل على أن المراد بالسيئة التي سألوا وقايتها ، الأعمال السيئة ، يكون الذي سأله الملائكة نظير ما استعاذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ولا يرد على هذا قوله : " يومئذ " فإن المطلوب وقاية شرور سيئات الأعمال ذلك اليوم ، وهي سيئات في أنفسها .
قيل : وقاية السيئات نوعان .
أحدهما : وقاية فعلها بالتوفيق فلا تصدر منه .
والثاني : وقاية جزائها بالمغفرة ، فلا يعاقب عليها ، فتضمنت الآية سؤال الأمرين ، والظرف تقييد للجملة الشرطية لا للجملة الطلبية .
[ ص: 116 ] وتأمل ما تضمنه هذا الخبر عن الملائكة من مدحهم بالإيمان والعمل الصالح والإحسان إلى المؤمنين بالاستغفار لهم ، وقدموا بين يدي استغفارهم توسلهم إلى الله تعالى بسعة علمه وسعة رحمته ، فسعة علمه يتضمن علمه بذنوبهم وأسبابها وضعفهم عن العصمة ، واستيلاء عدوهم وأنفسهم وهواهم وطباعهم وما زين لهم من الدنيا وزينتها ، وعلمه بهم إذ أنشأهم من الأرض ، وإذ هم أجنة في بطون أمهاتهم ، وعلمه السابق بأنهم لا بد أن يعصوه ، وأنه يحب العفو والمغفرة ، وغير ذلك من سعة علمه الذي لا يحيط به أحد سواه .

وسعة رحمته تتضمن أنه لا يهلك عليه أحد من المؤمنين به أهل توحيده ومحبته ، فإنه واسع الرحمة لا يخرج عن دائرة رحمته إلا الأشقياء ، ولا أشقى ممن لم تسعه رحمته التي وسعت كل شيء ، ثم سألوه أن يغفر للتائبين الذين اتبعوا سبيله ، وهو صراطه الموصل إليه الذي هو معرفته ومحبته وطاعته ، فتابوا مما يكره ، واتبعوا السبيل التي يحبها ، ثم سألوه أن يقيهم عذاب الجحيم ، وأن يدخلهم والمؤمنين من أصولهم وفروعهم وأزواجهم جنات عدن التي وعدهم بها ، وهو سبحانه ، وإن كان لا يخلف الميعاد ، فإنه وعدهم بها بأسباب ، ومن جملتها : دعاء ملائكته لهم أن يدخلهم إياها برحمته التي منها أن وفقهم لأعمالهم وأقام ملائكته يدعون لهم بها .

ثم أخبر سبحانه عن ملائكته أنهم قالوا عقيب هذه الدعوة : إنك أنت العزيز الحكيم [ سورة غافر : 8 ] .
أي مصدر ذلك وسببه وغايته صادر عن كمال قدرتك وكمال علمك ، فإن العزة كمال القدرة ، والحكمة كمال العلم ، وبهاتين الصفتين يقضي سبحانه وتعالى ما شاء ، ويأمر وينهى ويثيب ويعاقب ، فهاتان الصفتان مصدر الخلق والأمر .
والمقصود أن عقوبات السيئات تتنوع إلى عقوبات شرعية ، وعقوبات قدرية ، وهي إما في القلب ، وإما في البدن ، وإما فيهما ، وعقوبات في دار البرزخ بعد الموت ، وعقوبات يوم عود الأجساد ، فالذنب لا يخلو من عقوبة ألبتة ، ولكن لجهل العبد لا يشعر بما فيه من العقوبة ، لأنه بمنزلة السكران والمخدر والنائم الذي لا يشعر بالألم ، فترتب العقوبات على الذنوب كترتب الإحراق على النار ، والكسر على الانكسار ، والغرق على الماء ، وفساد البدن على السموم ، والأمراض على الأسباب الجالبة لها ، وقد تقارن المضرة الذنب وقد تتأخر عنه ، إما يسيرا وإما مدة ، كما يتأخر المرض عن سببه أن يقارنه ، وكثيرا ما يقع الغلط للعبد في هذا المقام ويذنب الذنب فلا يرى أثره عقبه ، ولا يدري أنه يعمل عمله على التدريج شيئا فشيئا ، كما تعمل السموم والأشياء [ ص: 117 ] الضارة حذو القذة بالقذة ، فإن تدارك العبد نفسه بالأدوية والاستفراغ والحمية ، وإلا فهو صائر إلى الهلاك ، هذا إذا كان ذنبا واحدا لم يتداركه بما يزيل أثره ، فكيف بالذنب على الذنب كل يوم وكل ساعة ؟ والله المستعان .
اسلام ويب
تابع القراءة

واتقو يوما ترجعون فيه الي الله

02‏/01‏/2013








واتقو يوما ترجعون فيه الي الله
هل هناك احدا وقف وقفة تأني مع هذه الاية في القران الكريم  وتدبر معناها جيداا واستطاع ان يعمل بها ، انها لأية عظيمة بالفعل واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله
هي اية لو علم كل اناس منا معناها جيدا وقدرها حق القدر لما كان منا الكافر ولا ما كان منا المعتد ولا كان منا السارق والزاني والفاحش والفاسق والكذاب
واتقوا يوما ترجعون فيها الي الله
هل هناك احدا منا سبح في خياله وفكر قليل كيف سيكون هذا اليوم العظيم وكيف يكون هذا المشهد الاليم ، هل هناك منا من يخاف هذا اليوم الذي حذرنا رب البرية منه وقال عنه اتقوا هذا اليوم الذي سترجعون فيها اليا وأحاسبك علي الصغيرة والكبيرة والعظيمة والحقيرة وكل شئ قمت بفعله في حياتك .
واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله
هنا الكل يعلم ان اتقوا تعبير يوحي بالخوف والقلق والتهويل من ذاك اليوم العظيم الذي سينتهي كل شئ في حياتك في ذالك اليوم ، فكل منا لا يعلم اين سيكون مصيره هل في نار جهنم وبئس المصير ، اما في جنات النعيم والتي توجد بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر علي قلب بشر ، يا له من يوم عظيم ستقشعر له الابدان ويمحي منه الكذب والخيانة والعصيان .
ياله له من يوم كريم يعطي وسام لكل عبد مخلص شكور ويعطيه ثوابا عظيما لن يري مثله ولا قبله ولا بعده ثواب  انه الجنة ، ويا له من يوم عظيم يعطي خزي وبغض وكره من المولي والعباد لكل عبد طاغي فاسد نسي الله ثم نسي نفسه ، واتبع الشيطان وتخلي الشيطان عنه
وقد حذرنا الله من الشيطان فقال عنه في محكم اياته انه ماكر وخادع
فقال
كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ
وهنا يبين لنا الله مشهد من المشهد العظيم الذي حذرنا الله من حدوثه بأن الشيطان يتخلي عن صاحبه ويبيعه لأنه يخاف المولي سبحانه وتعالي . فهل يقدر كل شخص منا بأننا امة محمد خير امة في الارض نعصي الله ولا نخاف ، واكبر عاصي في الكون وفاسق كمثل الشيطان يخاف الله ويخاف ذلك اليوم العظيم .
واتقوا يوما ترجعون فيه الي الله
في ذالك الله يضع السيف علي الميزان ولا يظلم احدا قط ، لأن من يحكم بالاحكام عن الاناس اعظم قاضي في الكون ومعلمهم وقاضيهم انه قاضي القضاه الذي لا يحكم الا بالصدق ولا يعرف كذبا ابدا انه العظيم رب العباد جل قدره وتعظم شأنه وعلى سلطانه .واتقوا يوما ترجعون فيه اللي الله
هنا في حياتنا الدنيا أناس تنتظر ذالك اليوم العظيم في حياتها والاخرين ينتظرونهم في مماتهم
فلا يوجد احدا لا يحاسب علي هذه المعمورة ولا يوجد احدا لا يري هذا اليوم الكريم
كمن من أناس منا تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لكي تلاقي ربنا وتتمتع بمنظرهم العظيم
وهنا أناس لا تدري ان هناك يوما مثل هذا اليوم ولا تعلم كيف سيكون ذالك اليوم
فلذا علينا جميعنا ان نحضر لهذا اليوم العظيم ونسبح بخيالنا في ذلكـ اليوم .
وفي نهاية موضوعي
اتقوا ذالك اليوم الذي سترجعون وتعودون فيه الي رب البرية ورب العباد
المولي سبحانه وتعالي وتلاقون انبيائه ورسله وصحابت رسله
ارجوا ان اكون قد وفيت .
فما كان من توفيق فهو من الله
وما كان خطأ ونسيان فمني ومن الشيطان .

الموضوع من تحريري .
تابع القراءة

أحب عباد الله إلى الله أكثرهم له ذكرا

01‏/01‏/2013



[ ص: 510 ]
الحديث الخمسون . عن عبد الله بن بسر قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ، فقال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا ، فباب نتمسك به جامع ؟ قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل خرجه الإمام أحمد بهذا اللفظ .


كيف ينسى المحب ذكر حبيب اسمه في فؤاده مكتوب
كان بلال كلما عذبه المشركون في الرمضاء على التوحيد يقول : أحد أحد ، فإذا قالوا له : قل : واللات والعزى ، قال : لا أحسنه .

يراد من القلب نسيانكم     وتأبى الطباع على الناقل

كلما قويت المعرفة ، صار الذكر يجري على لسان الذاكر من غير كلفة ، حتى كان بعضهم يجري على لسانه في منامه : الله الله ، ولهذا يلهم أهل الجنة التسبيح ، كما يلهمون النفس ، وتصير " لا إله إلا الله " لهم ، كالماء البارد لأهل الدنيا ، كان الثوري ينشد :

لا لأني أنساك أكثر ذكرا     ك ولكن بذاك يجري لساني

إذا سمع المحب ذكر اسم حبيبه من غيره زاد طربه ، وتضاعف قلقه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود : اقرأ علي القرآن ، قال : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأ عليه ، ففاضت عيناه . [ ص: 519 ] سمع الشبلي قائلا يقول : يا ألله يا جواد ، فاضطرب :

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى     فهيج أشواق الفؤاد وما يدري

دعا باسم ليلى غيرها فكأنما     أطار بليلى طائرا كان في صدري

النبض ينزعج عند ذكر المحبوب :

إذا ذكر المحبوب عند حبيبه     ترنح نشوان وحن طروب

ذكر المحبين على خلاف ذكر الغافلين : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم [ الأنفال : 2 ] .

وإني لتعروني لذكراك هزة     كما انتفض العصفور بلله القطر

أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه . قال أبو الجلد : أوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام : إذا ذكرتني ، فاذكرني ، وأنت تنتفض أعضاؤك ، وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا ، وإذا ذكرتني ، فاجعل لسانك من وراء قلبك . وصف علي يوما الصحابة ، فقال : كانوا إذا ذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في اليوم الشديد الريح ، وجرت دموعهم على ثيابهم . قال زهير البابي : إن لله عبادا ذكروه ، فخرجت نفوسهم إعظاما واشتياقا ، وقوم ذكروه ، فوجلت قلوبهم فرقا وهيبة ، فلو حرقوا بالنار ، لم يجدوا مس النار ، وآخرون ذكروه في الشتاء وبرده فارفضوا عرقا من خوفه ، وقوم ذكروه ، فحالت ألوانهم غبرا ، وقوم ذكروه فجفت أعينهم سهرا . [ ص: 520 ] صلى أبو يزيد الظهر ، فلما أراد أن يكبر ، لم يقدر إجلالا لاسم الله ، وارتعدت فرائصه حتى سمعت قعقعة عظامه . كان أبو حفص النيسابوري إذا ذكر الله تغيرت عليه حاله حتى يرى جميع ذلك من عنده ، وكان يقول : ما أظن محقا يذكر الله عن غير غفلة ، ثم يبقى حيا إلا الأنبياء ، فإنهم أيدوا بقوة النبوة وخواص الأولياء بقوة ولايتهم .

إذا سمعت باسم الحبيب تقعقعت     مفاصلها من هول ما تتذكر

وقف أبو زيد ليلة إلى الصباح يجتهد أن يقول : لا إله إلا الله ، فما قدر إجلالا وهيبة ، فلما كان عند الصباح نزل ، فبال الدم .

وما ذكرتكم إلا نسيتكم     نسيان إجلال لا نسيان إهمال

إذا تذكرت من أنتم وكيف أنا     أجللت مثلكم يخطر على بالي

الذكر لذة قلوب العارفين . قال الله عز وجل : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب [ الرعد : 28 ] . قال مالك بن دينار : ما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل . وفي بعض الكتب السالفة : يقول الله عز وجل : معشر الصديقين بي فافرحوا ، وبذكري فتنعموا . وفي أثر آخر سبق ذكره : وينيبون إلى الذكر كما تنيب النسور إلى وكورها . وعن ابن عمر قال : أخبرني أهل الكتاب أن هذه الأمة تحب الذكر كما تحب الحمامة وكرها ، ولهم أسرع إلى ذكر الله من الإبل إلى وردها يوم ظمئها . قلوب المحبين لا تطمئن إلا بذكره ، وأرواح المشتاقين لا تسكن إلا برؤيته ، [ ص: 521 ] قال ذو النون : ما طابت الدنيا إلا بذكره ، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ، ولا طابت الجنة إلا برؤيته .

أبدا نفوس الطالبيـ     ــن إلى طلولكم تحن

وكذا القلوب بذكركم     بعد المخافة تطمئن

جنت بحبكم ومن     يهوى الحبيب ولا يجن

بحياتكم يا سادتي     جودوا بوصلكم ومنوا

قد سبق حديث : اذكروا الله حتى يقولوا : مجنون ولبعضهم :

لقد أكثرت من ذكرا     ك حتى قيل وسواس

كان أبو مسلم الخولاني كثير الذكر ، فرآه بعض الناس فأنكر حاله ، فقال لأصحابه : أمجنون صاحبكم ؟ فسمعه أبو مسلم ، فقال لا يا أخي ، ولكن هذا دواء الجنون .

وحرمة الود ما لي عنكم عوض     وليس لي في سواكم سادتي غرض

وقد شرطت على قوم صحبتهم     بأن قلبي لكم من دونهم فرضوا

ومن حديثي بكم قالوا : به مرض     فقلت : لا زال عني ذلك المرض

المحبون يستوحشون من كل شاغل يشغل عن الذكر ، فلا شيء أحب إليهم من الخلوة بحبيبهم . قال عيسى عليه السلام : يا معشر الحواريين كلموا الله كثيرا ، وكلموا الناس قليلا ، قالوا : كيف نكلم الله كثيرا ؟ قال : اخلوا بمناجاته ، اخلوا بدعائه . وكان بعض السلف يصلي كل يوم ألف ركعة حتى أقعد من رجليه ، فكان [ ص: 522 ] يصلي جالسا ألف ركعة ، فإذا صلى العصر احتبى واستقبل القبلة ، ويقول : عجبت للخليقة كيف أنست بسواك ، بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك . وكان بعضهم يصوم الدهر ، فإذا كان وقت الفطور ، قال : أحس نفسي تخرج لاشتغالي عن الذكر بالأكل . قيل لمحمد بن النضر : أما تستوحش وحدك ؟ قال : كيف أستوحش وهو يقول : أنا جليس من ذكرني .

كتمت اسم الحبيب من العباد     ورددت الصبابة في فؤادي

فواشوقا إلى بلد خلي     لعلي باسم من أهوى أنادي

فإذا قوي حال المحب ومعرفته ، لم يشغله عن الذكر بالقلب واللسان شاغل ، فهو بين الخلق بجسمه ، وقلبه معلق بالمحل الأعلى ، كما قال علي رضي الله عنه في وصفهم : صحبوا الدنيا بأجساد أوراحها معلقة بالمحل الأعلى ، وفي هذا المعنى قيل :

جسمي معي غير أن الروح عندكم     فالجسم في غربة والروح في وطن

وقال غيره :

ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي     وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانس     وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

وهذه كانت حال الرسل والصديقين ، قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا [ الأنفال : 45 ] . [ ص: 523 ] وفي " الترمذي " مرفوعا : يقول الله عز وجل : إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه . وقال تعالى : فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم [ النساء : 103 ] يعني الصلاة في حال الخوف ، ولهذا قال : فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة [ النساء : 103 ] ، وقال تعالى في ذكر صلاة الجمعة : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون [ الجمعة : 10 ] ، فأمر بالجمع بين الابتغاء من فضله ، وكثرة ذكره . ولهذا ورد فضل الذكر في الأسواق ومواطن الغفلة كما في " المسند " و " الترمذي " ، و " سنن ابن ماجه " عن عمر مرفوعا : من دخل سوقا يصاح فيها ويباع ، فقال : لا إله إلا وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، كتب الله له ألف ألف حسنة ، ومحا عنه ألف ألف سيئة ، ورفع له ألف ألف درجة . وفي حديث آخر : ذاكر الله في الغافلين كمثل المقاتل عن الفارين ، وذاكر الله في الغافلين كمثل شجرة خضراء في وسط شجر يابس . [ ص: 524 ] قال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود : ما دام قلب الرجل يذكر الله ، فهو في صلاة ، وإن كان في السوق وإن حرك به شفتيه فهو أفضل . وكان بعض السلف يقصد السوق ليذكر الله فيها بين أهل الغفلة . والتقى رجلان منهم في السوق ، فقال أحدهما لصاحبه : تعال حتى نذكر الله في غفلة الناس ، فخلوا في موضع ، فذكرا الله ، ثم تفرقا ، ثم مات أحدهما ، فلقيه الآخر في منامه ، فقال له : أشعرت أن الله غفر لنا عشية التقينا في السوق ؟
اسلام ويب
تابع القراءة

هجرة سيد البشرية .. دروس وعبر

10‏/12‏/2012
إن المتأمِّل في حياة القائد الأعلى والقدوة الحسنة للمسلمين صلى الله عليه وسلم، يجد كمًّا كبيرًا من الدروس والعِبَر، ولو أخذت الأمة الإسلامية من هذا المَعِين الذي لا يَنفَدُ، لحلت مشاكل العالَم كله؛ حيث إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم ينشغلْ ببعض الأمور على حساب الأمور الأخرى، بل كان يسير في جميع الاتجاهات باهتمام وتركيز، فلم تشغله الدعوةُ إلى الله وإدخال الناس في دين الله أفواجًا، عن تكوين الدولة القوية التي يحترمها الجميع، ويعملون لها ألف حساب..
فقد هيَّأ المسلمين للهجرة إلى المدينة عن طريق بيعة العقبة الأولى (بيعة إقامة الدين)؛ لأن الدولة لا تُبنى إلا على أساس العقيدة والإيمان، ثم جاءتْ بيعة العقبة الثانية (بيعة إقامة الدولة)، أو بيعة تمهيد تكوين الدولة التي قامتْ على الاختيار، والشورى، والعدالة الاجتماعية، والمفاهيم السياسية الواعية، تحت قيادة حاكمُها محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك بدأ صلى الله عليه وسلم في إرسال الوفود الدعوية والسياسية، وإرسال المهاجرين وفودًا متتابعين، حتى يلحق بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت الهجرة النبوية بمنزلة الأمل الذي يتبعه العملُ.
وهذه بعض الدروس والعبر من هجرة سيد البشرية صلى الله عليه وسلم:
أولاً: الهجرة وحب الأوطان:

الهجرة لا تعني الانقطاعَ عن الوطن كما يظن كثير من الناس، بل هي تحمل في طياتها الحبَّ الكامل للوطن؛ وذلك إذا كانت الهجرة أهدافُها نبيلة، ومن أجل تحقيق مصلحة أعلى، وهي إقامة دين الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا، حتى يحيا الوطن بنور الله، فالمهاجرُ يترك الوطن بجسده وقلبُه معلَّقٌ بوطنه، وكأن ذرات التراب اختلطتْ بدمه، ولا تنفك صورةُ الوطن ومصلحة الوطن عن باله، فهو دائم التفكير في كيفية الرجوع إلى هذا الوطن؛ حتى يقدِّمَ له الخبراتِ التي اكتسبها في هجرته، وكذلك يقدم له عرق الجبين الذي بذل من أجل النهوض به، لا من أجل تعويقه.

هذا المعنى الحقيقي للهجرة أعلنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يترك مكة تركًا مؤقتًا؛ حيث نظر إليها وقال: «والله إنك لخيرُ أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجت منك ما خَرَجتُ» (رواه الترمذي).
ثم يعود النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه في فتح مكة إلى وطنه الذي أحبه؛ ليسأل الذين أخرَجوه من وطنه الحبيب مكة: «ما ترون أني صانع بكم؟» قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم. قال: "اذهبوا، فأنتم الطلقاء" (أخرجه البيهقي).
ثانيًا: الهجرة وترك التهاجر والتناحر:
عندما علِم أهل المدينة بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم - تناسَوا الخلافات والتشاجرات التي كانتْ بينهم، والحروب المستعرة التي ظلَّت سنوات عديدة؛ وذلك لأن الهجرة علَّمتْهم روحَ التعاون والتماسك، وترك التهاجر والتناحر؛ لأنهما يؤدِّيان إلى الفشل: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

وتراهم يقدِّمون أروع الأمثلة في باب الحب في الله والاجتماع، وتُرجم هذا الحب في صورة الإيثار وتفضيل الإخوان على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. فيعرض سعد بن الربيع على عبد الرحمن بن عوف نصفَ مالِه، ويخيِّره بين أزواجه ليطلقها وتنقضي عدَّتُها، ثم يتزوَّجها، ويخيِّره في اختيار أفضل الديار.
إن الهجرة النبوية التي يقودها سيد البشرية هي التي زَرعتْ فيهم هذه الروحَ؛ وذلك عندما بدأ معهم النبي صلى الله عليه وسلم في أول خطبة في المدينة بغرس هذه المعاني، فعن عبد الله بن سلاَم قال: لما قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ انجفل الناس، وقيل: قد قدم النبي صلى الله عليه وسلم وجئتُ فيمن جاء، قال: فلما تبيَّنتُ وجهه، عَرَفتُ أن وجهه ليس بوجه كذَّاب، فكان أول ما قال: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا والناسُ نيام، تدخلوا الجنة بسلام».
ويا ليت الأمة الإسلامية تستلهم هذه المعاني من الهجرة؛ كي ينتشر الحبُّ بيننا، وتنتزع البغضاء والشحناء.
ثالثًا: للمسلم هجرتان باقيتان إلى يوم القيامة، وهما أساس كل جهاد:
هناك هجرتان لم ولن ينقطعا إلى يوم القيامة؛ وهما: الهجرة إلى الله وإلى رسوله، بفعل المأمور وترك المحذور، يقول ابن القيم: "هجرة إلى الله عز وجل بالتوحيد، والإخلاص، والإنابة، والتوكل، والخوف، والرجاء، والمحبة، والتوبة. وهجرة إلى رسوله بالمتابعة، والانقياد لأمره، والتصديق بخبره، وتقديم أمره وخبره على أمر غيره وخبره" (زاد المعاد 3/ 11، 12).

وهاتان الهجرتان تستوجبان على المسلم أن يقدِّم حب الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم على كل شيء، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].
رابعًا: الهجرة والإيجابية:
المسلم يؤثِّر ويتأثَّر بما حوله، والسلبية تزلزل كيانَ المجتمعات وتؤدِّي إلى انهياره، وهذا ما أكده رسولُنا صلى الله عليه وسلم محذِّرًا من السلبية وخطرها؛ فعن النعمان بن بَشِير -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَل القائمِ في حدود الله والواقع فيها، كمثلِ قوم استهموا على سفينة فصار بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استَقَوا من الماء مرُّوا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنّا خَرَقْنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هَلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوا ونَجَوا جميعًا» (رواه البخاري).

هذه الإيجابية هي خط الدفاع الأول للحفاظ على كيان الدولة الإسلامية، وهي منهج حياة المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيدِه، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (رواه مسلم).
وهذه الإيجابية نراها واضحةً في أحداث الهجرة، حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم لكل المجتمع دورًا (الشباب، والشيوخ، والنساء).
1- الشباب والإيجابية: نرى أن أول باكورة تُشارِكُ في تداعيات الهجرة هم الشباب، ويتحمَّلون أهم وأخطر المشاركات، وذلك عندما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب أن يَبِيت في فراشه؛ حتى يعمِّي على المشركين أمرَ الهجرة، ويسارع عليٌّ -رضي الله عنه- في تنفيذ الأمر؛ ليقدِّم أغلى ما عنده للإسلام، وهذا هو واجب الشباب تجاه دينهم وتجاه دعوتهم.
2- الشيوخ والإيجابية: إنك لتتعجَّب عندما تشاهد تضحيات الشيوخ وبذْلَهم المتناهي لنصرة دين الله، ويأتي على رأس هؤلاء الذي أنزل الله فيه قرآنًا يُتلَى إلى يوم القيامة من كثرة ما قدَّم للإسلام، إنه الصديق -رضي الله عنه- يقدِّم مالَه كلَّه، ويخرُج بنفسه ليكون ظلاًّ ملاصقًا لحبيبه صلى الله عليه وسلم في هجرته، بل وشاركتْ أسرته كلها في الهجرة.
3- النساء والإيجابية: لم تَقتَصِر التضحيات في الهجرة على الرجال، بل قدم النساء قوافلَ التضحيات، وهذا نراه دائمًا منهن عندما يدعو داعي البذل والعطاء، وتتقدَّم السيدة أسماء بنت أبي بكر قوافلَ النساء، لتحمل الطعام وتمدَّ المهاجرَينِ بالمعونة، وتعرِّض نفسها للخطر من أجل دينها.
خامسًا: الهجرة واستحضار معية الله:
رغم الاحتياطات العالية، والأخذ بالأسباب في أحداث الهجرة؛ من السرية التامة، وتغيير الطريق، وإرسال المهاجرين دفعات، وترتيب الأدوار، وأخذ الحذر في كل خطوة، فإنّ المشركين قد عَلِموا بالأمر، وحرَّكوا الفرسان للحاق برَكْبِ المهاجرَينِ، وكان من الممكن أن تمر الهجرة هكذا دون أن تحاط بالأخطار، وخصوصًا بعد أخْذ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالأسباب، ولكن الله أراد أن يعلِّم عباده المؤمنين أن الأسباب وحدها لا تحقق نصرًا، وأن العبد يُحرَم التوفيق إذا لم يعتمد على مسبِّب الأسباب ومسخِّرها..

لذا انكشف أمر الهجرة؛ لتقول السنن الكونية للبشرية جميعًا: ها قد حانتْ معية الله التي لا يَخِيب معها أحد، ويقرِّر هذا الأمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عندما وقف المشركون على رأس الغار والرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أسفل منهم، فيقول الصدِّيق: يا رسولَ الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدمِه لرآنا؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!».
وهذه الهجرة تعلِّمنا أن الإنسان المسلم لا بد له من استحضار معية الله في كل أموره، وتلك المعية الربانية تعلَّمها الصحابةُ من رسولهم، فعندما جمَعَ الناسُ لهم قالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، فكانت النتيجة: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174].
فإذا أرادت الأمَّة نعمةَ الله وفضله ومعيته، فلتتوجَّه القلوبُ بعد الأخذ بالأسباب إلى الله، ولْتُقِم شرع ربها، قال تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [المائدة: 12].
اسلام ستوري
تابع القراءة

في سماعه صلى الله عليه وسلم شعر أصحابه وتشبيبهم

22‏/11‏/2012


في سماعه صلى الله عليه وسلم شعر أصحابه وتشبيبهم فمما سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من شعر أصحابه وتشبيبهم قصيدة ( كعب بن زهير ) رضي الله عنه التي مدح بها سيد الكائنات سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أنشدها بحضرته الشريفة وبحضرة أصحابه المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين ، وهو كعب بن زهير بن أبي سلمى بضم السين المهملة ، واسم أبي سلمى ربيعة بن أبي رياح بكسر الراء بعدها ياء وحاء مهملة آخر الحروف أحد بني مزينة ، كان من فحول الشعراء هو وأبوه ، وكان عمر رضي الله عنه لا يقدم على أبيه أحدا في الشعر ويقول أشعر الناس الذي يقول ومن ، ومن ، ومن ، يشير إلى قوله في معلقته المشهورة :
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه لو رام أسباب السماء بسلم     ومن يك ذا مال فيبخل بماله
على قومه يستغن عنه ويذمم     من لا يزل يستحمد الناس نفسه
ولا يغنها يوما من الدهر يندم     ومن يغترب يحسب عدوا صديقه
ومن لا يكرم نفسه لا يكرم     ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم     من لا يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
[ ص: 182 ] المنسم بفتح الميم وكسر السين المهملة طرف خف البعير .
والقصيدة التي مدح كعب
رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وأنشدها بين يديه بحضور أصحابه هي قوله :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول     متيم إثرها لم يفد مكبول
وسبب إنشائه لها وإنشاده إياها بين يدي سيد العالم صلى الله عليه وسلم ما روى محمد بن إسحاق في السيرة ، وعبد الملك بن هشام ، وأبو بكر محمد بن القاسم بن بشار بن الأنباري ، وأبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري ، دخل حديث بعضهم في حديث بعض ، أن كعبا وبجيرا بني زهم خرجا إلى ( أبرق العزاف ) وهو رمل لبني سعد ، وهو قريب من زرود كما في الصحاح ، فقال بجير لكعب : اثبت في هذا الغنم حتى آتي هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم فأسمع كلامه وأعرف ما عنده ، فأقام كعب ومضى بجير فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع كلامه فآمن به .

وذلك أن زهيرا فيما زعموا كان يجالس أهل الكتاب فسمع منهم أنه قد آن مبعثه صلى الله عليه وسلم ورأى زهير في منامه أنه قد مد سبب من السماء وأنه مد يده ليتناوله ففاته ، فأوله بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي يبعث في آخر الزمان وأنه لا يدركه ، فأخبر بنيه بذلك وأوصاهم إن أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلموا .

ولما اتصل خبر إسلام بجير بأخيه كعب أغضبه ذلك فقال :
ألا بلغا عني بجيرا رسالة     فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا
سقاك بها المأمون كأسا روية     فانهلك المأمون منها وعلكا
ففارقت أسباب الهدى واتبعته     على أي شيء ويب عزك دلكا
على مذهب لم تلف أما ولا أبا     عليه ولم تعرف عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف     ولا قائل إما عثرت لعا لكا
وأرسل بها إلى بجير .

فلما وقف عليها أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سمع عليه الصلاة والسلام قوله سقاك بها المأمون قال مأمون والله ، وذلك أنهم كانوا يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمون ولما سمع [ ص: 183 ] قوله على مذهب ويروى على خلق لم تلف أما ولا أبا البيت ، قال أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لقي منكم كعب بن زهير فليقتله ، وذلك عند انصرافه صلى الله عليه وسلم من الطائف ، فكتب إليه بجير رضي الله عنه بهذه الأبيات :
من مبلغ كعبا فهل لك في التي     تلوم عليها باطلا وهو أحزم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت     من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه     ودين أبي سلمى علي محرم
وكتب بعد هذه الأبيات إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمك ، وأنه قتل رجالا بمكة ممن كانوا يهجونه ويؤذونه ، وأن من بقي من شعراء قريش كابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه ، وما أحسبك ناجيا فإن كان لك في نفسك حاجة فطر إليه فإنه يقبل من أتاه تائبا ولا يطالبه بما تقدم قبل الإسلام فلما بلغ كعبا الكتاب أتى إلى مزينة لتجيره من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبت ذلك عليه ، فحينئذ ضاقت عليه الأرض بما رحبت وأشفق على نفسه ، وأرجف به من كان من عدوه فقالوا هو مقتول ، فقال القصيدة يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ، ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل من جهينة كانت بينه وبينه معرفة ، فأتى به إلى المسجد ثم أشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقم إليه فاستأمنه .

وعرف كعب رسول الله بالصفة التي وصف له الناس وكان مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من ، أصحابه مثل موضع المائدة من القوم يتحلقون حوله حلقة ثم حلقة ، فيقبل على هؤلاء فيحدثهم ثم يقبل على هؤلاء فيحدثهم ، فقام كعب إليه حتى جلس بين يديه فوضع يده في يده ثم قال يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ؟ قال نعم ، قال أنا يا رسول الله كعب بن زهير ، قال الذي يقول ما يقول . ثم أقبل على أبي بكر يستنشده الشعر ، فأنشده أبو بكر رضي الله عنه : سقاك بها المأمون كأسا روية ، فقال كعب لم أقل هكذا إنما قلت : سقاك أبو بكر بكأس روية ، وانهلك المأمون فقال رسول الله [ ص: 184 ] صلى الله عليه وسلم مأمون والله .

ووثب عليه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه ، فقال دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا . فغضب كعب على هذا الحي لما صنع به صاحبهم . قال ابن إسحاق : فلذلك يقول : إذا عرد السود التنابيل يعرض بهم .

وفي رواية أبي بكر بن الأنباري أنه لما وصل إلى قوله :
إن الرسول لسيف يستضاء به     مهند من سيوف الهند مسلول
رمى عليه الصلاة والسلام إليه ببردة كانت عليه ، وإن معاوية بذل له فيها عشرة آلاف ، فقال ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا . فلما مات كعب بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا فأخذها منهم . قال وهي البردة التي عند السلاطين إلى اليوم . انتهى .

قلت : قد ذهبت البردة المذكورة لما استولى التتار على بغداد ومقدمهم ( هولاكو ) نهار الأربعاء رابع عشر صفر سنة تسع وخمسين وستمائة فقد وضع هولاكو البردة المذكورة في طبق نحاس وكذا القضيب فأحرقهما وذر رمادهما في دجلة ، وقتل الخليفة وولده ، وقتل من العلماء والفضلاء خلق كثير ، وقتل بقية أولاد الخليفة ، وأسرت بناته ومن بنات بيت الخلافة والأكابر ما يقارب ألف بكر ، وبلغ القتلى أكثر من ألفي ألف وثلثمائة ألف نسمة كما هو مشروح في التواريخ ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
اسلام ويب
تابع القراءة
 
3BOUD TOPICS © 2012 | : akonami | ar-fifa